في مَساءِ يَوْمِ خميسٍ زُرْتُ أبناءَ عمّي لأقْضِيَ معَهُمْ وقتاً مُمْتِعاً مَليئاً بالتّسْلِيةِ المُفيدةِ والنّافعَةِ، ولَكنّي فوجِئتُ بهمْ وقَدْ تجَهّزوا للخُروجِ لتَنَاولِ وجْبةِ عَشاءٍ في مطعَمٍ للوَجْباتِ السّريعَة، فَعَرضُوا عليّ مُشاركتَهُمْ والذّهَابَ معَهُمْ فوَافقْتُ مُعتَقِداً أنّها فرصَةٌ جميلَةٌ ورائِعَة، وعنْدَمَا انْتهَيْنا وعدْتُ للمَنْزلِ شعَرْتُ بآلامِ مَغصٍ شَديدٍ اضْطَرّتْني للمَبيتِ تِلْكَ الليْلةِ في المُسْتَشْفى.. علمتُ فيمَا بَعْد أنَّ أبْناءَ عمّي جميعاً أصيبُوا بِمَا أصِبتُ بِه.. ولكنّهُم وللأسَفِ الشّديدِ لمْ ينتهُوا عن التردّدِ على مَطاعِمِ الوجبَاتِ السّريعَة، وكلّ مَا فَعَلُوهُ هُوَ أنّهُمْ غيّروا المطْعَمَ..
في عَصْر السُّرْعةِ الحَاليّ ابْتكَرَ الإنْسانُ أشْياءَ عجيبَة تُسهّلُ الكَثيرَ منْ أعْمالِهِ، وتُيَسّرُ عليهِ الصّعوبَاتِ، وتُقرّبُ لهُ المَسافَاتِ، وتُحقّقُ الكثيرَ ممّا كانَ في السّابقِ من المُستحِيلات ..
وليْسَ كلُّ شيءٍ ابتكرهُ الإنْسانُ مُفيدٌ دائماً، ونافعٌ باسْتمْرارِ، بلْ إنّ مبتكراتٍ عديدةٍ ضَرَرُهَا أكْثرُ مِنْ نَفعِهَا، وشرّها يغلبُ خيرَهَا، وإنْ كانَ ذلكَ يخْفى أحياناً ولا يظْهرُ إلا متأخّراً.. من ذلكَ ما يُعرفُ بالوَجْباتِ السّريعَة، وهيَ الوجباتُ التِيتحتَوِي على أطعمةٍ سريعةِ التَّحْضِير، مثل شَطائرِ الشَّاوِرْمَا، والبُرْجَر، والفَلافِلِ،وفطائِر البيتزا، والمُعجّناتِ، وقطع الدجاج المقلية، وسَاندويتْشاتْ اللحمَة والكِبْدةِ والبيْض (الشّكشُوكة) معَ مشروبٍ غازِيّ، أوْ كأسٍ منَ العَصِيرِ وشَرائحِالبَطاطا المقْلِيّة.
وأهمُّ مَا يميّزُ هَذهِ الوجباتِ سُرْعةَ تَحضيرِهَا, وتَناوُلهَا علَى عَجَل. وأكْثرُ النّاسِإقبَالاً على هَذِهِ الوَجْباتِ هُم الأطْفالُ والشّبَابُ، الذينَ صَارَتْ الوَجْبَاتُ السَّرِيعَةُجُزءاً مِنْ عَاداتِهِم اليَوْمِيّة.
وتُعرفُ هَذهِ الوجبَاتِ بأنّها غيرُ صحيّة للأسْبابِ التّاليَة:
- تخْلو في الغَالبِ منَ الخُضْراواتِ والفاَكهَةِ الطّازجَة .
- تَحتوِي على كمّياتٍ كبيرةٍ منَ الدُّهُونِ .
- فَقيرَةٌ في العَناصِرِ الغِذائِيّةِ المفِيدَةِ مثلَ الفيتامِينَاتِ والأمْلاحِ والمعَادنِالضَّرُورِيّةِ كالكالسيُوم والحدِيدِ .
- فَقِيرةٌ بالأليَافِ الغِذَائيّةِ الضّرورِيّةِ لعملِ الأمعاءِ وعَمَليّةِ الإخْرَاجِ.
- غَنيّةٌ بالصُّودْيوم الموجودِ في مِلْح الطّعَام.
- تجعلُ مُتنَاوِلَهَا باسْتِمْرار يتركُ الوجْباتِ الصّحيّة المفيدَة .
أمّا أضْرارُهَا الصّحيّة فهِيَ كمَا يَلي:
- تسبّبُ الإدْمانَ عليْها وفُقْدانِ القُدْرةِ على تركِهَا .
- تؤدي إلى السُّمنة المُفرِطَة الضّارة .
- تؤدي إلى الإصَابَةِ بمَرضِ فقْرِ الدّم (الأنيميَا) وارتِفاعْ نسبة الكوليسْترول الضّار في الدّم .
- تؤدي إلى الإصابَةِ بِهَشَاشَةِ العِظَام خَاصّةً إذَا صَاحَبَهَا تنَاولُ المشْروبَاتِ الغَازيّة.
- منْ مُسبّباتِ مرَضِ السّرطانِ لمَا تحْتويهِ من زُيُوت غير صِحّيّة.
- تُسْهمُ بإصَابَةِ الأطْفَالِ بالرّبُو لخلوّها من الخضْرواتِ الطازَجة والفيتَامينَات والمَعَادِن.
- تغيّر السّلوكِ، وخمولُ العقلِ، وكسلُهُ، وترهّلُ الجسمِ، وضعفُ الذّاكِرة,
وغير ذَلِكَ من الآثَارِ الصِحيّةِ السيّئة ..
لذَلكَ عليْنَا أنْ نَحْذَر مِنَ الإكْثارِ منْ تَناول الوجْبَاتِ السّريعَة، ونستبدل بِهَا الوجْباتِ الصحّيّة المنزِليّة .. ففِيهَا تمامُ السّعادَةِ والهناء ..